مراجعة فيلم Memento
-ما هو آخر شيء تتذكره؟
زوجتي
-إنه لشئ جميل.
لا يوجد ما هو أكثر لطفا من أن تكون صورة المرأة التي تحب هي آخر ما علق بذاكرتك الخربة، الشئ الوحيد الذي يمكنك استدعاؤه إن شئت، إنه رد حميمي للغاية، غير أن ليوناردو يوضح الأمر بألم لا يمكن مداراته “زوجتي وهي تحتضر”.
الإجابة التي كانت على وشك مزاحمة الشعر، كشفت عن مأساة، والأهم استمرارها، لأن مشهد احتضار زوجته سيظل يتكرر إلى ما لا نهاية.
هذا المشهد تحديدا هو ما يحدد به ليوناردو ليس فقط هويته، بل ومعنى وجوده، إذا كان كل ما يتذكره ليوناردو هو مقتل زوجته إلى جانب صقيع الذاكرة الفارغة، فهو سيستبقي هذا المشهد رغم قساوته، ليس فقط لأنه لا يملك غيره، بل لأنه سيمده بالمعنى الوحيد الذي يمكنه أن يواصل حياته لأجله: “الانتقام”.
لذلك سيتمرد على ذاكرته التي ستنسى هذا الحوار نفسه بعد دقائق ويقرر بوعي شديد خلق ذاكرته الخاصة باستخدام الصور والملاحظات التي يدونها على جسده.
منذ الحادثة ليس لـليوناردو هدف سوى القصاص ممن “قتل زوجتي، وسلبني ذاكرتي، وأفقدني المقدرة على أن أكون حيًا”.
كيف هي الحياة التي يمكن أن يحياها شخص لن يتذكر ما كان يفكر فيه قبل لحظات! لكنه يرواغ ويحاول أن يضفي المعنى على ما يفعله.
“إن زوجتي تستحق أن أنتقم لها، بغض النظر عن وعيي بذلك من عدمه. إن عدم تذكري للأشياء لا يجعل أبدًا أفعالي بلا معنى؛ إن العالم لا يختفي حينما يغلق المرء عينيه”.
بطريقة ما ليوناردو شخص ميت، انتهى في اللحظة التي فقد فيها ذاكرته، الشئ الوحيد الذي يضفي معنى على حياته هو فكرة الانتقام، لذا كما يخبرنا تيدي سيمزق الصورة التي تشير لقتله للرجل الذي يظن أنه متورط في قتل زوجته.
في الحقيقة انتقام ليوناردو ليس من الرجل الذي قتل زوجته، بل من فراغ الذاكرة، فقدان الذاكرة التي يسلبه ذاته وهويته، ليوناردو يحذف عمدا من ذاكرته حقيقة أنه قتل الرجل بالفعل لأنه يريد الاستمرار في فعل ذلك، بدون انتقامه سيصبح كما ذاكرته: شخصا فارغا تماما.
بقلم المحنك