مراجعة فيلم 12 Angry Men
في غرفة صغيرة وحرارة عالية، يتم فيها تصوير الفيلم كله تقريبًا، يجتمع ١٢ غريبا هم قوام هيئة المحلفين التي ستقرر مصير الفتى المتهم، لا يعرف أحدهم عن الآخر سوى معلومات سطحية، اسمه وعمله، وأنه سيمضي معه الساعات القادمة.
١٢ رجلا غضبا يعرض ١٢ وجها لما يمكن أن يكون عليه الناس في تفاعلهم مع القضايا الكبرى، وفي تعاملاتهم مع الغرباء الذين بالكاد يعرفون اسمهم ومهنتهم.
12 شخصًا سيقررون مصير إنسان، هم فرصته الأخيرة ليحافظ على حياته، لكن كلا منهم يتأثر بطريقة مختلفة بما يحدث، هناك من يقنعه اجتماع عدد كبير على رأي واحد، دون أن يهتم بتحليل الأمر بنفسه، وهناك من لا يقنعه العقل والمنطق بقدر مشاعره.
لدينا مثلا المحلف رقم ٧، إنه لا يعرض آراءه للاختبار ابدا، قناعاته ثابتة لا تتغير، ولا يريد بذل جهد حتى في سماع دليل قد يقوده للحقيقة، لا يريد مناقشة القضايا الكبرى، ولا طرح الأسئلة، ولا تلقي الإجابات، لا يهتم بحياة الشاب، ولا موته، هو لا يريد سوى أن يحضر مباراة كرة السلة، وأن يخرج من الغرفة، وأن تصبح درجة الحراراة أكثر احتمالا.
لدينا أيضا المحلف رقم ٣، وهو مثال جيد عن أولئك الذين يظنون أنهم يتخذون الموقف الصواب المتفق مع قناعاتهم الخاصة، لكنهم ربما لا يدركون أن مواقفهم ليست سوى انعكاس تجاربهم ومشاعرهم وخلفياتهم التي حفرت في لا وعيهم، في نهاية الفيلم نرى أن الرجل الذي كان ييدو مقتنعا تمامًا بأن الفتى هو قاتل والده، هوليس سوى أب لشاب قد هجره، ولا يستطيع أن يرى الشباب سوى من عيني أب أنهكه الحزن والخذلان.
لدينا المحلف الذي لا يستطيع أن يحكم على التهمة بمعزل عن قناعاته الطبقية والعرقية، ولدينا ذاك الذي لا يهتم بالمشاركة أصلًا، لأنه يؤمن أنهم سيتوصلون بالتأكيد لقرار صحيح، تتراجع إذن حياة الشاب الذي يجب أن تكون مركز هذا النقاش إلى الهامش تمامًا، وتختبئ خلف الأهواء والمشاعر والتجارب الخاصة.
في هذا الجمع البشري الذي يمكن أن يكون نسخة من أي مجموعة يجد كل منا نفسه فيها، يعرض الفيلم الشك كفضيلة، وممر نحو العدل، اليقين على الجانب الآخر هو أقصر طريق لحلبل المشنقة؛ ينتهي الفيلم دون أن نرى الفتى، ودون أن نعرف الحقيقة بشكل أكيد، وهي رفاهية لا نمتلكها في حياتنا أيضًا.
بقلم Rofayda Taha