مراجعة فيلم I’m Thinking Of Ending Things
يقف جايك وحيدا منبوذا على أنقاض حياته، عينيه على حياة مليئة بالخوف والخذلان والوحدة وسوء الفهم، وقدميه على بعد خطوات من الموت.
حياة جايك ورثته خوفا ووحده وكراهية عميقة لكل ما جعله ما هو عليه اليوم، سوء فهم أسرته له وعجزها عن التواصل معه أو تقديم الحماية له، تنمر الزملاء وسخريتهم منه.
الخيال كان ملجأ جايك وملاذه، فشيد قصورا في لاوعيه عبر الأفلام والروايات والمسرح، الرسم والشعر. بطريقة أو بأخرى ظل حبيسا في طفولته، لكن المعضلة هنا أن تلك الطفولة تحمل في طياتها كل لحظاته المدمرة
في اللحظة التي يقرر فيها جايك انهاء حياته يقرر خوض مغامرة أخيرة داخل عقله، مغامرة ضد الزمن والذكرى.
قرر جايك العودة لواحده من اللحظات التي تتجلى فيها كل مخاوفة، قابل فتاة اعجبته تبادلا نظرات الاعجاب لكنه كان أعجز من أن يطلب رقمها، سيعود إلى هناك ويراهن على الخيال مرة أخيرة في محاولة للخلاص من كل أنقاض الماضي، الخيال كان ملجأه للهروب من وطأة الواقع، والآن يقرر مجابهة كل مخاوف هذا الواقع عبر هذا الخيال نفسه.
حتى بعد أن يفوز بالفتاة يقامر جايك بكل شيء، يتخيل أن تغيبر ذكرى واحدة يمكنه منحه السلام النفسي والرحيل الهادئ، يعود بها لأسرته وطفولته، لكن عكس ما كان يتمنى لا تنجح قصة الحب في تبديد وحدته واكسابه القبول، لأن الخوف والوحدة ورفض الذات بات عميقا ومحفورا في كل غرف لاوعيه المظلمة، لم تعد المشكلة في طفولة أو أسرة بل في جايك ذاته.
يخترق كل دفاعاته وتعري أكثر مخاوفه وأفكاره ظلمه، يصبح منبوذ حتى داخل هذا الخيال واللاوعي الذي حاوط بهما لحظاته الأخيرة.
يتفحص الفيلم مفاهيم الزمن والذاكرة والحب والوحدة والشيخوخة، عبر شخصية معذبة وروح مثقلة.
الخوف والشيخوخة وجهان للعملة ذاتها، تداعي جسدي وروحي وعقلي، الوحدة هي جوهر الشيخوخة، والعجز والخوف هما المآل النهائي، كل الأحلام، الذكريات تتداعى.. الفناء كان قدر جايك من البداية.
الفيلم بشكل أو بآخر هو تحية للسينما، بداية من استخدام الاسبكت ريشيو اللي ظهر مع بدايات السينما، تجربة كوليشوف المونتاجية اللي منحت السينما جزء من فرادتها، استعارة الناقدة بولين كايل، الاشارة لاسم المخرج روبرت زيمكس كمخرج للفيلم داخل الفيلم، ثم التناص الختامي مع المشهد الأخير من فيلم ا بيوتفل مايند.
بقلم Mo7anak – المحنك